محمد الهاشمي الحامدي: تدوينة عن التلاعب بوعي الشعب التونسي ــ فيفري 2022

للأسف الشديد تم التلاعب بوعي الشعب التونسي وتجفيف منابع هويته فأصبح قسم كبير منه يعارض بشدة أن يكون الإسلام المصدر الأساسي للتشريع في الدستور، ويرفع شعار المدنية في وجه الهوية الإسلامية رغم أنه لا تعارض بين الأمرين بتاتا، ورغم أن شريعة الإسلام نور ورحمة، كما قال ربّنا عز وجل في كتابه الكريم: {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}. (المائدة: 15-16). وقال ربّنا سبحانه تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}. (النور: 51)

وتم التلاعب بوعي الشعب التونسي وتجفيف منابع هويته حتى أصبح لا يرى مانعا في أن تكون حصص تدريس الفرنسية أكثر من المخصصة للغته الوطنية ولغة آبائه وأجداده، اللغة العربية، ولا يغضب إذا وصفت وزارة الداخلية التونسية ببيان رسمي في فيفري 2022 الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة ب(اللباس الطائفي).

وتم التلاعب بوعي الشعب التونسي حتى أصبح يفضل الحكم الفردي المطلق على مبدأ فصل السلطات، ويؤيد من يسمّي الإستعمار بالحماية، ومن يقول له علنا إنه سيحذف عبارة (الإسلام دين الدولة) من الدستور لأن الدولة حسب رأيه لا دين لها، علما بأنه في أعرق ديمقراطية غربية، ملكة بريطانيا هي رئيسة الكنيسة في نفس الوقت.

للأسف الشديد تم التلاعب بوعي الشعب التونسي حتى أصبح قسم كبير منه يرفض زيادة الضرائب على ذوي الدخل المرتفع وتخصيص منحة بحث عن العمل للعاطلين عن العمل وتوفير التغطية الصحية للفقراء المحرومين منها. ما يعني غياب العدالة الإجتماعية وموت مبدأ التضامن الإنساني.

للأسف الشديد، مشكلة تونس الأساسية ليست فقط في فشل الطبقة السياسية التي حكمت في العشرية السابقة أو في الإنقلاب الذي تلاها، ولكن قبل ذلك في وعي شعبي اختار تلك الطبقة السياسية للحكم ثم أيد الانقلاب على الدستور وحكم القانون ومبدأ فصل السلطات، ومساحة البدائل عنده منحصرة بين أوهام قيس سعيد ولجانه الشعبية وبين دعوات عبير موسي لإحياء النظام الفاشي القديم.

▪︎ بالنسبة لي، سأظل بعون الله الكريم أصارح الشعب بالحقيقة ما حييت، وأنصح له بإخلاص، وأدعوه لما فيه صالحه في الدنيا والآخرة إن شاء الله. اسمعوا يا إخوتي وأخواتي التوانسة جميعا: إنّما يصلح حال تونس وشعبها بحول الله إذا قامت في البلاد دولة مدنية عادلة معتزة بهويتها الإسلامية. دولة تنصف الفقراء والعاطلين عن العمل والمحرومين من التغطية الصحية وصغار الفلاحين وذوي الإحتياجات الخاصة والمتقاعدين وتتبنى مبدأ التنمية العادلة وتسيطر على ثرواتها الطبيعية وتنفق على التعليم وتراهن عليه وعلى دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة. دولة عادلة وديمقراطية وملتزمة بالعدالة الإجتماعية في آن واحد لأنه لا ديمقراطية بدون عدالة اجتماعية، ودولة يسودها حكم القانون، ويكون الإسلام مصدر التشريع الأول في دستورها والعربية لغة العلوم والرياضيات في مدارسها. باختصار: يصلح حال الشعب التونسي بحول الله إذا تبنى رؤية الدولة العادلة في إطار المبادئ الإسلامية.

.

▪︎ ملاحظة (1) ــ أيما تونسي أو تونسية يقتنع بفكرة الدولة العادلة في إطار المبادئ الإسلامية إنما يقتنع بها لإرضاء ضميره وحرصا على مصلحة تونس وشعبها والأجيال التي ستأتي من بعدنا. الأمر أكبر من أي حسابات شخصية ضيقة.

▪︎ ملاحظة (2) ــ لم أشارك في حكم تونس يوما واحدا ولست مسؤولا عن أحوالها السابقة أو الراهنة. لم ألبس يوما حذاء ب1500 دينار أو أصرح بأني سأجعل ثمن الخبزة ب100 مليم ولم أطالب بأي تعويضات أو أحصل على أي تعويضات بعد الثورة أبدا. وفكرة النقل المجاني طرحتها لفائدة الفقراء الذين أتموا الخامسة والستين من العمر.

▪︎ ملاحظة (3) ــ في موقعي الالكتروني www.alhachimi.info توجد روابط لكتبي التي نشرتها بالعربية: السيرة النبوية للقرية العالمية، رسالة التوحيد، ورسالة الدولة العادلة في إطار المبادئ الإسلامية. ورابط حسابي في تويتر هو التالي: www.twitter.com/MALHACHIMI. برامجي في قناة المستقلة موجودة في صفحة القناة على يوتيوب:

www.youtube.com/almustakillahtv

أخيرا أتشرف بدعوتكم لمتابعة صفحتي الفيسبوكية الرسمية هذه والتي أعلق فيها على الأخبار التونسية والعربية والدولية. شكرا لمروركم.

معلومات عنّا Dr. Hechmi Hamdi

Mohamed Elhachmi Hamdi (Ph.D), SOAS graduate (University of London), Leader of Tayyar Al Mahabba Party in Tunisia and fourth placed presidential candidate in the 2014 elections; author of “the Politicisation of Islam” (Colorado: Westview Press, 1988); “The Making of an Islamic Political Leader” (Colorado: Westview Press, 1988); “Muhammad for the Global Village” (Riyadh: Maktaba Dar-us-Salam, 2008). Email: info@alhachimi.org

0 comments on “محمد الهاشمي الحامدي: تدوينة عن التلاعب بوعي الشعب التونسي ــ فيفري 2022

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: